الثلاثاء، 13 مارس 2012

امراه سيئه السمعه


المشهد الاول : لقاء
كعادتى دائما اصل الى مكان عملى متاخرا على الاقل ساعه ونصف فموعدى فى المستشفى فى الثامنة والنصف صباحا وهو نفسه موعد استيقاظى من النوم ومع ذلك اصل الى المستشفى شبه نائم على الرغم من اننى _من المفترض_ اخذت كفايتى من النوم .

اعتقد ان الموظفة المختصة بالدفتر قد ملت من تكرار وصولى الى مكان عملى متاخرا وعمل اذن تاخير –او ان حالتى المزريه قد المتها واثرت فيها-فقررت ان توقع لى يوميا الا اذا حدثت المعجزة ووصلت المستشفى متاخرا بنصف ساعة فقط لاجدها تعطينى القلم فى بشاشة وتعطينى شرف ان اكتب اسمى واوقع بنفسى وهو ما لم يحدث الا قليلا.
وصلت يوم الاحد كالعادة متاخرا لاجد امامى فتاة تعطينى ظهرها وتتحدث مع الموظف الموجود بالمكتب اما ما جذب انتباهى فهو ذلك القوام المتناسق المستقيم كقوام عارضات الازياء وشعرها البنى المائل الى الحمرة والذى كان مسدلا بالشكل المفضل لدى وكان طويلا يرتفع عن خصرها بقليل وناعما بشكل لافت للجميع ولى انا بالخصوص.
لم ارى وجهها ولم اتعمد ان اراه ولكن شعرها كان كافيا ان تتعلق فى ذاكرتى وان تجذبنى لاعرف من هى ولكننى كعادتى الكئيبة قتلت كل هذه الاحاسيس فى لحظة وركزت تفكيرى مع الموظفة التى ابتسمت لى ابتسامتها المعهودة وهى تقول لى (خلاص يا دكتور) لابادلها الابتسامة واستدير غير معط اى اهتمام للفتاة الواقفة واغادر المكان لابدا يومى كالمعتاد .
المشهد الثانى : كلاكيت تانى مرة
الاحد التالى هذه المرة كان مختلفا فالمدير شخصيا طلب غلق الدفاتر فى موعدها تماما وعمل اذن تاخير للجميع وبلا استثناءات هذه المرة وهنا فقط تجرات على الموظفة وقالت لى (هات اذن تاخير يا دكتور )فلعنت اليوم فى سرى وذهبت لاحضر الاذن المرصود واثناء عودتى بعد احضار الاذن وانا على بعد امتار من الغرفة سرحت بخيالى لاتذكر الاحد الماضى وما حدث فيه لتتصدر صورة الفتاة وشعرها خيالى واسرح قليلا لاتمنى ان اجدها فى الغرفة كالاسبوع الماضى و......وفجاه وانا على باب المكتب تماما وجدتها نعم كانت هى ظهرت هذه المرة بالنسبة لى كلها كاملة تماما كأميرات الحكايات والاساطير التى يتمنى البطل ان يراها وقبل ان تنتهى امنيته يجدها واقفة امامه بكامل هيئتها وجمالها رايتها بطرف عينى دون ان التفت اليها ولكن هذه النظره البسيطة بطرف عينى كانت كافية بالنسبة الى لالحظ تلك النظرة التى كانت تنظر بها الى هى الاخرى لا ادعى اننى جذاب ولم اقل ان سحرى الاخاذ اثر عليها ولا جاذبية مظهرى وملابسى قد قتلاها لاننى لا املك اى من هذه الصفات ولكن كل ما اريد ان اقوله اننى لمحت فى عينيها نظرة الى استمرت حتى خرجت من الغرفة بعد تسليم الاذن.
اما عنها فهى اجمل شئ رايته فى هذا المكان منذ مجيئى اليه فهى كوردة بلدية حمراء شديدة الحمرة ذات رائحة جميلة ملقاة وسط كوم كبير من النفايات والزبالة كريهة الرائحة, سمكة زينة صغيرة تتحرك بين مجموعة من اسماك البلطى دميمة المظهر, بلبل صغير ذات الوان جذابة ومظهر محبب وصوت جميل يحلق بين مجموعة من الغربان ذات الصوت والمنظر القبيح  كانت طلتها بالنسبة الى –وعلى الرغم من انه لم يحدث منى اى التفاته-كانت تماما كاول شعاع من نور الشمس يسطع بين الغيوم بعد عاصفة شديدة فى يوم شتوى مظلم باختصار وكما يقولون بالانجليزية she made my day    
كانت رشيقة القوام جميلة الوجه اجمل ما فيها كان ابتسامتها التى كانت مرسومة على وجهها اثناء حديثها مع الموظف –الذى حسدته من كل قلبى طبعا-والمفاجاه بالنسبة لى اتت من اننى لم اعتد ان ارى هذه الاوصاف قط هنا فى المستشفى فمنذ مجيئى الى هنا وانا عيش فى دائرة مغلقة من القبح والدم والالم والدموع ولم يكن هناك جديدا فى حياتى الروتينية الا هى .
المشهد الثالث : الصدمة
يوما جديدا عاديا جدا وروتينيا جدا ذهبت لاسال عن احد الزملاء نظرا لتغيبه ليومين متتاليين عرفت ان غضروف الرقبة قد اصابه ودار الحديث التالى
انا : الف سلامة يا كبير
هو: الله يسلمك يا كبير
انا : متيجى يا عم نطلع قسم العظام نشوف اى حد هناك ونساله علي موضوع رقبتك ده
زميل ثالث تدخل صائحا : عظام ايه يا حمار ده علاجه عندى بينا على علاج طبيعى
انا : طبيعى ايه يا بنى ادم دى محتاجة دكتور عظام وش يعنى
الثالث : هتفضلوا طول عمركوا جهله ده علاجه عند الدكتورة .... فى علاج طبيعى دى ايدها فيها البركة هتحط ايدها على رقبته بس هتلاقى الغضروف نطق (وضم اسنانه العليا على شفتيه السفلى بشده فى تلك الحركه الشهيرة التى تدل دائما على ان المذكوره مزه جامده يعني)
انا : مين بقى الدكتورة .... دى, ايه ظروفها يعنى اللى تخليك متاكد انها بركه والشفا هييجى على ايدها يعنى.
الثالث : شكلك مش من البلد دى اسال عليها يا ابنى اي حد فى البلد هتلاقيه عارفها دى اجمل واصيع واسفل واحدة فى البلد والدنيا كلها هنا عارفاها اقولك تعالى وعاين بنفسك
تحت الحاح من فضولى قررت ان اذهب معهم لاقتل فضولى بدلا من ان يقتلنى هو واستمر الحديث طوال الدقائق الخمس التالية التى تفصل قسم الاسنان عن قسم العلاج الطبيعى عنها وعرفت انها ذات جمال عبقرى وشياكة شديدة وسمعه سيئه فى نفس الوقت.
وصلنا الى القسم وبدا زملائى فى حديثهم الى احد اطباء العلاج الطبيعى هناك بعد ان وجدوا المسئول عن العمل فى هذا اليوم رجلا وخاب ظنهم فى الحصول على جلسة العلاج الطبيعى القذرة تلك وبدات انا اتململ كعادتى ونظرت حولى لاتفقد المكان حتى ينهوا حديثهم و.....ووجدتها,نعم كانت هى تلك الجميلة التى رايتها مرتان عند المكتب وكانت هى ايضا تلك الطبيبة سيئة السمعة.
كانت تجلس الى مكتبها القديم المتهالك وامامها زجاجة مياه وكان المكتب غير مناسب بالمرة لها حيث كان ذلك المكتب المعدم غير مناسب بالمرة لاناقتها الشديدة وانوثتها التى تطغى على المكان .
بالفعل كانت شديدة الفتنة والجمال فلم اقوى على ابعاد نظرى عنها الا عندما وجدتها تنظر الى بنظرة فريدة لا اعتقد ان كنت قد قابلت مثلها قبلا لا اعرف ان كانت قد تذكرت انها راتنى عند المكتب كما اتذكرها انا الان ولا ادرى ما دار فى ذهنها اثناء نظرتها الى ولكن لا اعتقد ان بى شيئا مميزا يجعلها تتذكرنى مثلما اتذكرها انا .
مرة اخرى لفت انتباهى فيها ابتسامتها الفاتنة هناك من الناس من تسمع ضحكته عندما يبتسم كانها صرخه اتيه من قاع الجحيم وهناك من حباهم الله بابتسامة تجعل الدنيا كلها تضحك لك مهما كانت حالتك النفسية وقتها وكانت هى من النوع الثانى واعتقد ان ابتسامتها تلك هى سبب تعلقى بها وكتابة هذه السطور عنها فلاول مرة فى حياتى الاحظ ان العينان تضحكان مع الفم نفس رسمة الابتسامة على الفم مرسومة على العينين رقة ودلال وحنية غير طبيعية وكم لا نهائى من التفاؤل كل هذا رايته فى تلك الضحكة الرشيقة التى كانت مرسومة على وجهها ابتسامة جعلتنى اعيش لحظات ربما كانت الاجمل منذ قدومى لهذا المكان.
تركت الجميع ورجعت الى القسم مرة اخرى وجلست على الكرسى اعانى من امتزاج لمشاعرى وتداخل بين كل اوراق تفكيرى معاناة شديدة احتملتها حتى انتهى اليوم ورجعت الى منزلى لاجمع افكارى واوراقى.
تتر النهاية : ثقافة القبيلة
من هو الانسان المصرى؟؟ فى رايي هو ذلك الكائن الحشرى الذى لا يترك فرصة الا ويتدخل فى شئون الاخرين فى محاولة منه لمعرفة ادق تفاصيل حياتهم دون عمل اى اعتبار لشئ اسمه الخصوصية والحرية الشخصية اذن نستنتج اول تعريف وهو انه كائن حشرى.
هناك تعريف اخر يقول انه يقوم بانتقاد جميع –وانا هنا اعنى جميع بمعناها وبلا استثناءات- تصرفات الاخرين بداعى التقويم والتعديل بينما يقوم هو بارتكاب نفس التصرفات التى كان ينتقدها بارتياحية كاملة باختصار هو انسان متناقض لاقصى درجة تقوم حياته على تجزئة المبادئ.
اعتقد انه كان لابد لى من سرد هذه المقدمة الطويلة نوعا قبل المضى قدما فى افراغ ما يدور فى ذهنى من احاسيس ومشاعر متناقضة من جراء تلك الصدمة التى تعرضت لها.
انا لا ارى اى معنى لان يقوم شخص ما بمحاسبة شخص اخر مثله على تصرفاته الشخصية ايا كانت طالما لم تتلامس مع حريتك الشخصية فى اى نقطة ولم تاذيك او تضايقك. فمثلا لا اجد مبررا لان تتحدث مدينة كاملة عن سلوك شخصى لفتاه مثل السالف ذكرها فمهما كان سلوكها فهو ملك لها وحدها لا يوجد صواب او خطا فقط يوجد ما اريد ان افعله وما ساحاسب انا وحدى عنه يوم يحاسب الكل.
نقطة الخلاف هنا هو ان ذكور القبيلة –وعذرا للفظ- يشعرون باهانة بالغة لذكورتهم المزعومة وطعنة كبيرة فى رجولتهم الوهمية نظير اختيار تلك الفتاة لرجل اخر ليرافقها هذا هو كل الموضوع فكف تختار ذكرا اخر من ذكور القبيلة غيره ومن هنا تبدا العقد والنواقص فى الظهور ويبدا ذبح الفتاة وسلخها نظير جرمها الفظيع بتجنبهم من اختياراتها وهو السبب غير المعلن اما السبب المعلن فدائما ما يكون انهم رجالة ومش بيسكتوا على الغلط الذى لم يمسهم اصلا فى اى شئ.
لا اعتقد ان رايكم جميعا يهم فالحياة اقصر من ان نتوقف لارضاء الناس الذين اشط اصلا ان هناك من يستطيع ارضائهم مع اتفاقنا جميعا ان جهة الحساب الوحيدة هى المحكمة الالهية فى نهاية حياة الانسان فلماذا نجزئ المبادئ وننسب تدخلنا فى حياة الاخرين الى نصب العدل والمحافظة على قيم المجتمع البالية التى لا نعرف من هو واضعها الذى حلل غيبة فتاه ونسب هذه الغيبة الى العادات والاصول والقيم الراسخة لعن الله كل العادات وكل القيم وكل المجتمعات التى تجعل من حياة الناس الشخصية مادة دسمة للحديث فى اوقات الفراغ او العمل فنحن لا نملك التمييز بين الفراغ والعمل اصلا.
اما عن نصف القبيلة الاخر وهم الاناث فهم لهم نصيب الاسد من غيبتها والتقطيع فيها ليل نهار وانا متاكد ان كل هذا ما هو الا بسبب الغيرة منها نعم الغيرة من امراه جميلة تستطيع ان تظهر جمالها امام الجميع بلا قيود اما هم فمقيدون دائما بالعادات والاهل والظروف فهى ان حضرت فى مكان جذبت اليها كل الاعين  بالبلدى كده اكلت الجو منهم وهذا بالطبع كابوس بالنسبة لهم.
لذلك هم يرونها تظهر جمالها الطاغى اصلا مما يجعلها تستحوذ على كل اهتمام ذكورهم الوهميين المزعومين الذين اصبحوا لا يملكون من صفات الرجولة سوى الجزء الحيوانى فقط الذى اشك ان كثيرا منهم قد فقده اصلا اما باقى صفات الرجال كالقدرة على توصيل الاحساس بالامان للانثى والشهامة والحمية والغيرة والكرامة والحب فهذه كلها فقدت للابد وصح العنوان القائل (عودوا رجالا نعود نساءا).
تمنيت ان اذهب اليها يوما واعتذر لها عن جهل مجتمع كامل وخطاه الشديد فى حقها.
 تمنيت ان اذهب اليها لافهمها اننا نعيش وسط قبيلة من البقر الحياة بالنسبة لهم تدور حول الاكل والجنس والنعيق طوال اليوم فى سير الاخرين اما الصفات الانسانية التى خلقها الله فينا فهى فى انحدار مستمر.
تمنيت ان اعبر لها يوما عن اعجابى بجمالها وشياكتها وابتسامتها وشعرها (ايوه بعاكس)
تمنيت ان اقول هذا واكثر ولكننى للاسف لا املك الشجاعة الكافية لفعل هذا وانا فى انتظار ان يهمس احدهم فى اذنى بهمس من الجنون ليشجعنى على الذهاب اليها ومصارحتها.
 ربما اذهب اليها تحت الحاح من جمالها واقول لها فى اذنها ان تقرا هذه المدونة وانها المقصودة .........ربما.